هكذا تضلل تل أبيب العالم في بناء وتسمين الاستيطان

باحثون إسرائيليون: هكذا تضلل تل أبيب العالم في بناء وتسمين الاستيطان

  • باحثون إسرائيليون: هكذا تضلل تل أبيب العالم في بناء وتسمين الاستيطان

اخرى قبل 9 شهر

باحثون إسرائيليون: هكذا تضلل تل أبيب العالم في بناء وتسمين الاستيطان

الناصرة-

يؤكد ثلاثة باحثين إسرائيليين (شاؤول أرئيلي، تسيون هيرش، وغلعاد هيرشبرغر)، بعضهم برتبة جنرال في الاحتياط، على تواطؤ إسرائيل كدولة مع المستوطنين في بناء وتسمين المستوطنات، منذ 1968 حتى اليوم. ويشددون على أن إسرائيل لن تكون ديمقراطية مع بقاء الضفة الغربية محتلة.

 ويقول الباحثون الإسرائيليون الثلاثة، في مقال مشترك، إن حكومة “اليمين الكامل” برئاسة بنيامين نتنياهو تكمل، خلال هذه الأيام، مسار كشف السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية، وإن توماس فريدمان يحسن التعبير في مقالٍ كَتَبَهُ في “نيويورك تايمز” (11.7)، وادّعى أن هذه الحكومة لا تسمح باستمرار وَهْم حل الدولتين، والآن، لم يعد من الممكن إنكار السياسة التي تدفع بها إسرائيل؛ دولة واحدة غير ديموقراطية”.

ويؤكد هؤلاء أن هذه سياسة بدأت في الخفاء، وبتضليل إسرائيلي للمجتمع الدولي. ويرجّحون أنها على مشارف النهاية- عبر الانقلاب النظامي- عن طريق صوغ دولة إثنوقراطية رسمية كاملة.

وفي محاولة لاستشراف المستقبل، يعود الباحثون الإسرائيليون الثلاثة للوراء، ويؤكدون عدم بدء اليمين الصهيوني هذا المسار، وأن إسرائيل كانت تعلم في 1967 أن إقامة بلدات يهودية في الضفة الغربية المحتلة هو عمل غير قانوني بحسب اتفاقيات جنيف.

دعا شارون المستوطنين إلى السيطرة على كل تلّة فارغة، لأن “ما تسيطرون عليه سيكون لنا، وما لا تسيطرون عليه لن يكون لنا”.

ويذكّرون أنه في آذار/مارس 1968 أرسلت وزارة خارجية الاحتلال برقية كتب عليها “سرّية للغاية” إلى السفير الإسرائيلي في واشنطن، إسحاق رابين، وفيها التوجيه التالي: “نهجنا المستمر كان، ولا يزال، التهرّب من كُل حوار عن “المناطق الفلسطينية” التي تمت السيطرة عليها استناداً إلى اتفاقيات جنيف… اعتراف واضح من طرفنا بأن تطبيق الاتفاقية سيبرز المشاكل الصعبة التي لها علاقة بتفجير المنازل، والتهجير، والاستيطان وغيرها”.

وفعلاً، بدأت إسرائيل مباشرة بعد حرب 1967 بناء المستوطنات في الضفة، في الوقت الذي كانت فيه تستعمل أنواعاً متعددة من التضليل. وفي 27 أيلول/سبتمبر 1967، كتب رئيس لجنة التنسيق السياسي- الأمني في الضفة، شلومو غازيت، رسالة إلى مكتب رئيس هيئة الأركان بشأن السيطرة على “غوش عتصيون”، مشيراً إلى أن “التغطية” لحاجات المنظومة السياسية تستوجب أن “تبدو سيطرة الشباب المتديّن على غوش عتصيون هي سيطرة عسكرية للوحدات البرّية، وسيتم تعميم هذه التعليمات أيضاً على المستوطنين في المنطقة”.

 ويستذكرون أيضاً أنه، خلال عيد الفصح سنة 1968، رفض المستوطنون، برئاسة موشيه ليفنغر، الخروج من فندق “بارك” في الخليل، بعد أن ادّعوا أنهم سائحون كما وعودوا بذلك الجيش وأدّت التسوية معهم، بالإضافة إلى ضغوط يغآل ألون، إلى إقامة مستوطنة “كريات أربع”.

وفي نيسان/أبريل 1975، سمح وزير الأمن شمعون بيريز لـ “كتيبة العمل”، التابعة للنواة التوراتية “شيلو”، بالمبيت في قاعدة عسكرية أردنية مهجورة، بعد أن أكدوا أن الحديث لا يدور عن محاولة بناء مستوطنة. كما كان يتوجب على هذه الكتيبة أن تبني أيضاً قاعدة سلاح الجو في “حتسور”، وهو ما منحها تسمية “ناحال رداري”، لكنها عملياً لم تنشغل بذلك أبداً، بل بقيت في المكان الذي تحوّل إلى مستوطنة “عوفرا”، على أراضي قريتَي عين يبرود وسلواد.

غطاء البحث عن الأثريات

ويمضي الباحثون الثلاثة في استعادة عملية التضليل الإسرائيلية: في كانون الثاني/يناير 1978 استوطنت مجموعة من المستوطنين تلّة “شيلو”، وهذه المرّة تحت غطاء معسكر للحفريات الأثرية، بتشجيع وزير الزراعة حينها، أريئيل شارون. وينوهون أن إسرائيل، التي طبّقت على المناطق الفلسطينية المحتلة “قوانين السيطرة القتالية”، وصلت إلى ذروة السخرية حين أرادت عبر تلك القوانين السيطرة على أراضٍ فلسطينية خاصة من أجل إقامة مستوطنات، بذريعة الحاجة الأمنية. ويقدّمون مثالاً على ذلك باالقول إن وزير الأمن الراحل موشيه ديان قال، في كانون الثاني/يناير 1970، خلال جلسة حكومية بشأن إقامة كريات أربع: “أنا أقترح.. أنّه في المرحلة الأولى، علينا أن نعمل ليبدو أننا نقوم بأمور لها علاقة بالأمن في الأساس، إن كان الحديث يدور عن مصادرة أراضي، وبناء، وشق طرقات”.

المحكمة العليا تشرعن الاستيطان

وينوهون لدور المحكمة الإسرائييلية العليا في محاولات تبييض جرائم الاستيطان بالقول إنها اعتمدت هذه الحجة، ففي قرارها سنة 1978 بشأن مستوطنة “بيت إيل”، أقرّ القاضي ألفرد فيتكون أنه “لا حاجة إلى أن تكون مختصاً بقضايا الأمن والجيش من أجل أن تفهم الفرق بين منطقة توجد فيها عناصر “تخريبية” تعمل في منطقة مأهولة، ويوجد فيها فقط مجتمع غير مبال، أو مشجّع للعدو، وبين منطقة يوجد فيها أشخاص (مستوطنون) يمكنهم متابعة الآخرين، وإعلام السلطات عن كُل حركة مشبوهة”.

 أمّا القاضية مريام بن فورات، فقد أضافت: “مقبول إذن أنه، وفي الوضع الخاص هذا.. من الضروري اللجوء إلى حلول استثنائية، أحدها إنشاء وجود يهودي مدني في المناطق ذات الحساسية الخاصة”.

 ويتابعون: “في محكمة “ألون موريه”، سنة 1979، بدّلت المحكمة العليا مِن سياستها، وأمرت بإخلاء المستوطنة، وإعادة الأراضي إلى أصحابها. وهذا كله بعد أن قام المستوطنون برفض الادّعاء بأن المنطقة هي لأهداف عسكرية، على عكس رأي قائد هيئة الأركان حينها، رفائيل إيتان، وفضّلوا الامتناع عن ذلك، والانتقال إلى ادّعاء الحق الإلهي.

هذا القرار من المحكمة العليا، في الوقت الذي توقّف فيه مسار تسجيل الأراضي في الضفة على يد إسرائيل، أدّى إلى مبادرة جديدة مستفزة. فباستعمال العصا السحرية التابعة لشارون، ولدت فكرة إحصاء الأراضي، استناداً إلى قانون عثماني قديم، عن طريقه أعلنت إسرائيل نحو 1.6 مليون دونم في الضفة “أراضي دولة”. ومنها خصّصت الحكومة أراضي لإقامة مستوطنات في إطار “خطّة شارون” التي صادقت عليها الحكومة في تشرين الأول/أكتوبر 1977، وباستعمالها تمت إقامة 88 مستوطنة خلال 8 أعوام”.

اتفاق أوسلو

ويستذكر الباحثون الإسرائيليون أنه، بعد ذلك بـ14 عاماً، بدأت تتمأسس سياسة جديدة لوقت قصير؛ ففي تشرين الثاني/نوفمبر 1992، قررت حكومة رابين الثانية وقف بناء مستوطنات جديدة (القرار رقم 360). وبعد ذلك بعام واحد، جرى توقيع اتفاق “أوسلو”، وبدأت عملية نقل الصلاحيات في أجزاء من الضفة إلى السلطة الفلسطينية. وعقب ذلك، في آب/أغسطس 1996، قرّرت حكومة نتنياهو أن كل مستوطنة جديدة تقام، ستكون بمصادقة الحكومة جميعها (القرار 150). ويرون أن هذا الواقع الجديد دفع حكومة الاحتلال إلى إنشاء طرق التفافية، وهكذا، ولدت ظاهرة البؤر غير القانونية، ففي تشرين الأول/أكتوبر 1998، وتحضيراً لتوقيع اتفاق “واي”، دعا شارون، وزير الخارجية في حكومة نتنياهو، المستوطنين إلى السيطرة على كل تلّة فارغة، لأن “ما تسيطرون عليه سيكون لنا، وما لا تسيطرون عليه لن يكون لنا” (“هآرتس” 17/11/1998).

ويتابع الباحثون: “روى مدير عام مجلس المستوطنات سابقاً، عادي مينتس، أنه على مدار السنين اعتقد المستوى السياسي أنه يجب، ويمكن، إنشاء تواصل جغرافي للمستوطنين. وبحسبه، فإن المستوطنات ليست مبادرة من جانب مجموعة هامشية تسمّى “شبيبة التلال”، إنما هي نتاج تخطيط دقيق للسيطرة على المناطق الإستراتيجية، حدثت بالتنسيق مع المستوى السياسي (“هآرتس” 6/9/2004). الدليل المؤسسي على ذلك هو خطة “الهيئات العليا” التي أعلنتها كتيبة الاستيطان في الوكالة اليهودية سنة 1997، وعلى أساسها، تمت إقامة البؤر”.

باحثون إسرائيليون: المستوطنات ليست مبادرة من جانب مجموعة هامشية تسمّى “شبيبة التلال”، إنما هي نتاج تخطيط دقيق للسيطرة على المناطق الإستراتيجية، حدثت بالتنسيق مع المستوى السياسي.

لعبة التضليل مستمرة

ويشير الباحثون لاستمرار لعبة التضليل الإسرائيلية، حتى في أوقات التصعيد الأمني، ففي 2002 قرّرت إسرائيل إقامة الجدار الفاصل والأمني بسبب موجة “الإرهاب” خلال الانتفاضة الثانية، وقد طلب رؤساء مجلس المستوطنات استغلال الوضع، وترسيخ مكانة أغلبية المستوطنات عبر ضمّها كأمر واقع بواسطة الجدار.

 ويتابعون: “في هذا الواقع، كانت المحكمة العليا هي الأخيرة التي يمكنها وقف جشع النظام والطموحات الجغرافية للمستوطنين وممثليهم في الحكومة. سنة 2004، قرّر رئيس المحكمة العليا، أهرون براك، أن “جدار الأمن لا يمكن أن يكون من دوافع ضم مناطق من الضفة إلى إسرائيل. الهدف وراء الجدار لا يمكن أن يكون وضع حدود سياسية.” وفي سنة 2006، وبّخت رئيسة المحكمة العليا دوريت بينيش الجيش بسبب تضليل المحكمة (ملف تسوفين): “إن الاستئناف الذي أمامنا يشير إلى حدث لا يمكن التساهل معه، وبحسبه، فإن المعلومات التي تم تقديمها إلى المحكمة لا تعكس مجمل الحسابات التي كانت أمام متخذي القرار”.

البؤر الاستيطانية

ويشير الباحثون إلى ازدهار البؤر الاستيطانية، ويقولون إنه، في سنة 2005، وصل عددها إلى 105 بؤرة، وسكن فيها نحو الـ4000 نسمة، وعلى الرغم من عدم قانونيتها (بحسب القانون الإسرائيلي أيضاً) فقد تمتّعت بحماية كاملة من جانب الجيش، بتوجيه من المستشار القانوني للحكومة. ويستذكرون أن الضغوط الأميركية، التي قامت بها إدارة بوش، دفعت شارون إلى تعيين المحامية الإسرائيلية تالية ساسون للبحث والتوصية باستمرار السياسة في مجال البؤر.

وعادت ساسون وأكدت: “أرغب في أن أطرح أمامك موقف أغلبية ضبّاط الجيش وشرطة إسرائيل، الذين شرحوا.. أن الصعوبة المركزية في كُل ما يخص فرض النظام في الضفة الغربية بشأن البؤر غير المسموح بها هو الرسائل المتضاربة التي قامت ببثها حكومات إسرائيل إلى جميع المستويات التنفيذية، الأمنية والمدنية”.

ويستذكرون أيضاً أنه تم بحث التقرير وتبنّيه في الحكومة، وتم اتخاذ قرارات لتطبيق استخلاصاته، لكن هذه القرارات لم تنفَّذ، ولم تتغيّر سياسة التضليل على الأرض”.

عودة نتنياهو

وطبقاً لهؤلاء، فإنه بعد عودة نتنياهو إلى منصب رئيس الحكومة، سنة 2009، بدأ بمسار “شرعنة” البؤر غير القانونية: في البداية، حاول تجنيد القاضي أدموند ليفي لوضع أساس قانوني، إلاّ أن الثاني قد نشر، سنة 2012، تقريراً وجّه فيه انتقادات واضحة بشأن تخطي حدود القانون: “انكشفت أمامنا ظاهرة في مجال الاستيطان الإسرائيلي في الضفة لا تتماشى مع دولة تتبنّى سلطة القانون. منذ الآن فصاعداً، يجب على قيادات الاستيطان، والمستوى السياسي أيضاً، أن يعلموا أنه يتوجب عليهم العمل في إطار القانون فقط، ويتوجب على مؤسسات الدولة أن تعمل مستقبلاً بحزم من أجل تطبيق القانون”. لقد تم تمزيق هذا التقرير، ولم تتم مناقشته في الحكومة.

وحسب المقال المشترك هذا، فإنه منذ ذلك الوقت، وفي جميع حكومات الاحتلال، وضمنها حكومة بينيت- لبيد، تمت “شرعنة” 44 بؤرة. ويتساءلون تساؤل العارف: كيف يمكن شرعنة بؤر غير قانونية؟ وعن ذلك يجيبون: “فعلاً، صندوق الألعاب يتضمن أيضاً بعض الأدوات المؤسساتية. الأداة الأكثر استعمالاً هي تحويل البؤر إلى أحياء في مستوطنات قائمة (حتى لو كان الحديث يدور عن أحياء بعيدة جداً).

لدينا أداة أُخرى هنا، وهي تحويلها إلى مستوطنات مستقلة، وعندما لا تسمح الأوضاع، يمكن شرعنة هذه المستوطنات، على اعتبار أنها مزارع مواشي أو مؤسسات تعليمية”. واستكمالاً لذلك، امتنعت حكومة نتنياهو – بضغط من حزب “البيت اليهودي” برئاسة بينت- من إخلاء أي بؤرة، وضِمنها تلك البؤر التي لم يكن هناك أي شك في أنها غير قانونية لأنها مقامة على أراضٍ خاصة فلسطينية، واعترفت الدولة بذلك أمام المحكمة العليا. فعلى سبيل المثال، حصل سكّان البؤرة مغرون على مستوطنة جديدة في قطعة “أرض تابعة للدولة” في مقابل البؤرة، وأيضاً، حصل سكّان بؤرة “عامونا” المقابلة لعوفرا على تعويض سخي جداً”.

إزالة قناع التضليل

وكان نفتالي بينت أول من عمل على إزالة قناع التضليل، الذي كانت تقوم به الحكومة، فمنذ أيلول/سبتمبر 2016، أعلن أنه “في موضوع “أرض إسرائيل”، ينبغي الانتقال من الإحباط إلى الحسم: علينا أن نحدّد الحلم، والحلم هو أن تغدو الضفة جزءاً من دولة إسرائيل السيادية.

وينبه الباحثون الإسرائيليون الثلاثة لوجود نحو 121 بؤرة غير قانونية في الضفة الغربية، مكانها يثبت أنها جزء من خطة منظّمة، الهدف منها الوصول إلى هدفَين؛ تسمين “الكُتل” الكبيرة والصغيرة، وتعزيز السيطرة الإسرائيلية على طول محور 60 – المحور المركزي في الضفة الغربية، ويحافظ على التواصل ونمط الحياة الفلسطيني. ففي الوقت الذي يعيش فيه 77% من المستوطنين على بعد 10 كلم تقريباً من الخط الأخضر، يقع ثلثا البؤر تقريباً على بُعد 10-25 كلم من الخط الأخضر. ويرون أن الهدف هو تعزيز المناطق التي فيها الوجود اليهودي ضئيل، وعلى رأسها جنوب جبل الخليل وشرق نابلس، وينوهون بأن جميع البؤر تقع بالقرب من مستوطنات قائمة من أجل السماح بربطها غير القانوني بالبنى التحتية، كالماء والكهرباء وشق الطرق الواصلة إليها وبتمويل الدولة.

المستوطنون الغيبيون

وطبقاً للباحثين الثلاثة، فإن جميع المستوطنات الأم التي تنتمي إليها البؤر تابعة للتيار القومي– الغيبي ( المسياني) بقيادة بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، والشركاء- كلما كان المستوطنون أكثر تطرفاً، نجد بجانبهم عدداً أكبر من البؤر. ويتابعون: “الخلاصة أن الدوس على القانون برعاية السلطة أداة ناجعة”. ويوضحون أن الاتفاقيات الائتلافية الحالية سمحت بسيطرة سموتريتش على الإدارة المدنية، وشجّعت خطة “شرعنة” البؤر المقامة على “أراضي دولة”. أمّا بالنسبة إلى البؤر المقامة على أراضٍ فلسطينية خاصة، فقد ألغت المحكمة العليا إمكان شرعنتها وفرضت إخلاءها. وكما كتبت ساسون: “إقامة بؤرة على أراضٍ فلسطينية خاصة لا يمكن تشريعها، حتى بأثر رجعي. مصير هذه البؤر هو الإخلاء، وكلّما كان الإخلاء مبكّراً كلّما كان أفضل”.

وكرد للدفاع عن التحدي الذي فرضته المحكمة العليا، وُلد “قانون التسوية” الذي صادقَ عليه الكنيست في 2017، والهدف منه مصادرة الأراضي من أصحابها الفلسطينيين، ومصادرة حقهم في استعمالها، إذ تم اليوم بناء آلاف الوحدات للمستوطنين، ضمن نحو 30 مستوطنة و29 بؤرة عليها. تم إقرار القانون على الرغم من حقيقة أنه خلال المداولات قال المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبيت إنه يجب عدم قبول مشروع القانون الذي لا يتماشى مع القانون الدولي، ويلحق الضرر بمكانة المحكمة العليا. ويؤكد الباحثون الثلاثة أنه هنا أيضاً كانت المحكمة العليا هي حارسة التخوم الأخيرة التي أوقفت جشع السلطة بعد أن ألغت القانون، وهو ما دفع بدوره إلى مشروع قانون “فقرة التغلب”، بالإضافة إلى الخطوات الخاصة في الضفة الغربية المحتلة وقوانين أُخرى، إذا تم إقرارها، فإن سموتريتش سيغدو “ملك الضفة الغربية” ضِمن نظام قمعي على نمط نظام الأبارتهايد.

باحثون إسرائيليون: “صندوق الألعاب يتضمن أيضاً بعض الأدوات المؤسساتية. الأداة الأكثر استعمالاً هي تحويل البؤر إلى أحياء في مستوطنات قائمة”.

واقع الدولة الواحدة

وطبقاً لهم، فإن المسار الطويل للسيطرة والاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، تحضيراً لواقع الدولة الواحدة، يمر تحت رادار الإسرائيليين، أي دون علمهم، وعلى عكس موقف أغلبية الجمهور.

ويستخلص الباحثون الثلاثة ضرورة وقف التضليل: “كما نهض الجمهور الليبرالي في إسرائيل نتيجة تضليل الانقلاب النظامي تحت غطاء إصلاحات قضائية، ممنوع أن يبقى غير مبالٍ بما يحدث من تضليل، وكذب، وتفتيت سلطة القانون في المناطق الفلسطينية المحتلة. الوحيدون الذين عملوا على مدار السنوات، كانوا جمعيات المجتمع المدني كـ “بتسيلم” و”السلام الآن” و”ييش دين” و”مجلس الأمن والسلام” وغيرها، وفي الأساس، برعاية المحكمة العليا. عملهم في إطار القانون أجّل، وحتّى إنه أوقف في مرات محددة المسار القمعي، وكشف أمام الجمهور المعني ظلم الاحتلال الإسرائيلي.

ويؤكد هؤلاء، في الخلاصة، أنه، اليوم أيضاً، وفي الوقت الذي بقي الصراع مع الفلسطينيين خارج الحوار والرؤية، تناضل هذه الجمعيات، وغيرها، يومياً ضد جرائم الحكومة والمستوطنين في الميدان. ويقولون إن اليوم الذي سيقف فيه كل شخص من مجموع 150 ألف متظاهر في كبلان ضد كل بؤرة غير قانونية حتّى إخلائها، هو يوم مهم. حينها سنعلم أن رؤيتنا تتضمن سلطة القانون والحقوق العالمية بالمساواة والحرية لكل من يعيش بين النهر والبحر”.

“القدس العربي”:

 

التعليقات على خبر: باحثون إسرائيليون: هكذا تضلل تل أبيب العالم في بناء وتسمين الاستيطان

حمل التطبيق الأن